Friday, February 18, 2011

الأموال الشريرة

كلنا هذه الأيام في ضيق من الحال – الحمد لله - وبعضنا حاله أسوأ من الآخر ... غير أن الأمور في الشهور القليلة القادمة ستكون أشد وطأة حتى يصرخ الجنين في بطن أمه ، لست أتشاءم حبا في التشاؤم ، و لا أطفى الفرحة بطبع البوم والغراب ...

فالطامة الكبرى ماثلة في البطء البليد لثمار الثورة ، و الفاتورة الباهظة التي يكبدنا إياها مجرمي الحرب الذين حرقوا الأرض من ورائهم انتقاما من الثائرين ، أضف إليها الشلل الفكري الذي أصاب القطاعات الجبانة التي لم تتحمس للثورة و إزالة أسباب المعاناة ، إذا بها قطاعات فئوية تملأ الدنيا شكوى و مطالب فردية ليس الآن موعد اقتسامها أو استعجالها ....

غير أن هناك شيئ لم يفطن إليه البعض ، و هو أن ملاحقة رموز الفساد التي صاحبت سقوط النظام ، ليست إلا كما تمسك الماء الغرابيل ،و لم تنل سوى أقطاب كبيرة غير أنها معدودة و بمساءلة محدودة ، وأن السواد الأعظم للفاسدين الذين أثروا في بلادنا من العلاقات والنفوذ والانضمام لأجنحة الحزب الملعون ما يزال معظمهم أثرياء مجتمعنا و أعيان قرانا و علية القوم في مدننا ، و أبناؤهم هم باشاوات نوادينا ، لا سيما لو كانوا من رجال الداخلية أو كوادر شباب الحزب أو رجال الأعمال المهمين المهيمنين ...

و بينما تزيد وطأة الظروف مع الوقت قسوة و إيلاما , يظل أولئك هم من لديهم المشروعات القائمة ، والمصانع والشركات – التي كانت واجهة يعلم الله ما نوع الكسب الذي كانت تخفيه - بل ويظلون مالكي فرص العمل والمانحين المانعين المالكين المنعمين الرازقين المحتكرين لأسباب العيش في المرحلة الانتقالية القاسية المقبلة ...

كلها أشهر و يطرح الصندوق الانتخابي للفقراء ليصبحوا صناع حاضرهم ومستقبلهم ، فمن سيكون معه الأموال عندها لتمويل شراء الأصوات ، من سيكون المحسن ورجل الخير ، وخير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح ، إنهم أصحاب الكنوز النتنة التي تكونت من دماء الوطن في دنيا الفساد التي أطالت البقاء ..ولم يتأكد رحيلها ...

لست بذلك أدعو لمحكمة تفتيش ، أو تأميم أعمى على النمط الشيوعي يسلب مكتسبات الأشراف في غمار تقسيم الثروة ، فيختلط الحلال بالحرام ، و ترتكب الثورة البيضاء خطايا سوداء لنظم اشتراكية آثمة ..

من جانب آخر لماذا هي الآذان صماء عن دعاة النجاح ، من أيام عرض الدكتور ممدوح حمزة مشروعا مميزا يقسم حيازات أرض ضرب مثالا لها بألفين وخمسمائة فدان كمقاطعة ، يمكنها أن تأخذ شكل الكيبوتسات الاسرائيلية ، تكون مجمعا سكنيا زراعيا صناعيا مكتفيا بذاته ، منتجا لمجتمعه ، رجل مثل الدكتور حمزة يملك من الخبرة والتخطيط والكوادر الجبارة التي تتلهف على معاونته في مشروع وطني طموح كهذا ، و لن يعجز عن الحصول على تمويل نظيف من أبناء البلد التواقين لرفعة مصر ....

لماذا يظل الملعب حكرا على الأقدام الشريرة ، ولماذا يغيب الطيبون عن المشهد بعد أن انفض ميدان التحرير ، عموما ، ستخبرك الأيام ما كنت غافلا ، و يأتيك بالأنباء من لم تزود

No comments:

Post a Comment