Saturday, February 26, 2011

النكهة التونسية وفارق التوقيت

عندما نصلى المغرب في مصر يكون التوانسة قد خرجوا لتوهم من صلاة العصر ، عدا ذلك فهم و لأول مرة - أذنوا قبلنا للكفاح والفلاح ... وأقاموا صلاة استسقاء الخلاص ، و كبروا لفجر الفداء قبلنا بقليل .....

أزهق محمد البوعزيزي نفسه ... ليطلق ثورة الحياة والحرية في تونس ... وبعدها بأيام أشتعلت الثورة في مصر للكرامة والحرية .. وقد اشتعل- ليس بأيديهم - في سبيلها أشقاء للبوعزيزي مثل خالد سعيد و سيد بلال وشهداء القديسين ..

فقدكان عندهم بن على الدكتاتور و عندنا مبارك مصر ومصر مبارك ، وكان عندهم ليلى الطرابلسي و أسرتها ونفوذها وأشقائها وأنسبائها ، ولدينا ماما سوزان ونجلها النجيب العجيب ومقبلي أياديها ورعيتها من صناع الكلمة والصورة ، نهبت تونس ، ونهبت وجردت وجرفت مصر ........ ثم هيه وبعدين

ظهر الرئيس التونسي بثلاث بيانات مهدت لرحيله .. و على نفس المنوال أدلى رئيس مصر المخلوع ، بثلاث خطابات عنجهية و شيطانية واستعطافية ثم انخلع ، وبعد الانخلاع في تونس تولى الغنوشي المغضوب عليه كما تولى عندنا تماما سليمان وشفيق و جنودهما ، رفض التونسيون الغنوشي دستوريا لضرورة احترام النص الدستوري ، فخرج ثم دخل بإذن رئيس البرلمان التونسي ، تماما مثلما كان التخلي لدينا الذي تبعه تكوين شفيق لحكومة الحزب الوطني الحالية في مشهد ساخر يزايد على الملهاة التونسية ، فخرجنا للتظاهر لاستكمال المطالب الثورية تماما كما فعل إخواننا التونسيون ولم تتوقف تظاهراتهم وإيانا حتى اليوم ، ثم خرجت النداءات الفئوية لديهم فحققوا ولم يحققوا ، و بعدها خرجت مثيلتها لدينا وعادت بكثير من الوعود ، وخرجت الشرطة لديهم تتظاهر وتتظاهر بالمسكنة والاضطرار وتقدم شبه اعتذار ، و بعدها خرجت لدينا الشرطة تتظاهر لمطالب تخص ساعات عملها وأجورها ونالت استجابة فورية ، ولكنها لم تعتذر أو تمثل الاعذار والندم ككالتوانسة ، لفارق التوقيت والطبيعة المصرية معا ، تدخل الجيش التونسي وقام رشيد عمار باحتضان ثورة بلاده ، كما قام بعدهم المجلس العسكري لدينا باطلاق البيانات المطمئنة لنا ووعدنا بعدم استخدام العنف نحونا ومساندة ثورتنا ، و بعد فترة من الأفراح الثائرة عادت الميادين تمتلئ من جديد في صفاقس وتونس العاصمة ثم ما لبثت أن أفاقت القاهرة والاسكندرية من أعراسهما على جمعات جديدة تناشد باستكمال النصر

أقصد من هذا لفت نظر القارئ للتوازي العجيب والتناظر الزمني والفكري بل وتطابق كثير من أصول القصة ونتائجها مع فارق التوقيت والمبادرة لأحبتنا التونسيين ، أستنتج من هذا استنتاجا بسيطا ... الحكاية إذن فارق توقيت ، لكن إذا أحببت قراءة أخبار الغد مساء اليوم فاقرأ أخبار الظهيرة الفائتة لدى تونس ، ستجدها كالمنام الذي تصحو فتجده يتحقق أمامك ، أو كأوراق الإجابة التي تتطابق لدى لجان امتحانات متسيبة ، تونس بدأت صباح اليوم تنزف من جديد وكشر الغنوشي ورجال أمنه العائدون للانتقام عن أنيابهم ، وسقط المزيد من التوانسة الشهداء ، وشرعوا يهتفون – لا غاز ولا كرتوش التوانسة ما يخافوش - و أبشركم بالغد سيعود مغاوير الداخلية البواسل بمراراتهم ليذيقوكم طعم الاستشهاد بالنكهة المصرية ، مصير الغنوشي مصير شفيق ، و حكاية تونس هي حكاية القاهرة وعلى المقيمين مراعاة فارق التوقيت ....

No comments:

Post a Comment