لم تكن ثورة المصريين انتقامية ، وإلا لكان رموز الحزب الوطني وأذنابهم معلقين على أعـــــــــــمدة النور طوال الطريق الواصل من الاسكندرية وحتى أسوان ، لم يمس أحدهم أو أولادهم أو بناتهم ومعظم ممتلكاتهم بأي سوء ، وتركنا ثرواتهم تعبر البوابات وتركب الطائرات بألف ســـــــــــلامة ، تسامحنا معهم وتركناهم في وطننا الذي حررناه ، ووطنهم الذي دنسوه عهودا طويلة ، كما تركنا مهرجيهم وأبواقهم وجرائــدهم و منشوراتهم وإذاعاتهم ومذيعيهم يلبسون ثوب الثورة ويغنون أغانيها ، ولم نطالب أحدا منهم بإبـــــــــــــداء الندم أو تقبيل القدم ، ورجع مجرموهم وحراسهم و وحوشهم وجلاديهم لمواقعهم بدون ضغينة من الجرحى وأســــــــــــر الشهداء ، بل وباركنا إعطاءهم مكافآت و حوافز ربما تغنيهم عن عادتهم في نهش البرياء وفرض المكوس والأتـــــاوات على الكادحين ، كان انتقامنا منهم هو عفونا القادر ، و تحلينا بالحلم والترفع عن الغريزة المتوحشة التي يعرفونها ولا نألفها ، ما أجملنا وما أخزاهم ، لقد خيبنا ظنهم حتى في هذه اللحظة ، فهم لو كانوا مكاننا ، أو لو رجعـــــت عصابتهم لا سمح الله ، لم يكونوا ليتورعوا عن التنكيل والأخذ بالمظنة قبل اليقين ، لقد عفونا وتسامحنا لأننـــــــا كبار .. لأن الجمال فينا حقيقي إنساني أصيل ، و البشاعة فيهم دناءة يكتــــــسي بها الانسان عندما ينسى معنى كونه انسانا ...
غير أن جمال انتقامنا لما تركناهم يتلظون بحرارة عفونا وتسامحنا ، لا تمنع أن هناك انتقام وشيك ، هو انتقام جمال ... جمال مبارك و زبانيته ، الذين جمـــــعوا من الحرام ما يبني الأهرام ، و عاشوا على تهديد الناس في أقواتهم و نزع مقــــــــــــــــــــــدرات الأرزاق من الأفواه ، واتجروا في كنوز البلاد وشرفها وأعمار أهلها ....
سيعودون بعد قليل في غير ثوب ، لينتقموا ...
No comments:
Post a Comment