عن الفئوية أتكلم .. تصوروا .. أخي يعمل في مؤسسة انتاجية .. مصنع يعني .. والمصنع فيه نخبة من الخبراء وعدد هائل من العمال والحرفيين .. كان المصنع ولا يزال ..يدفع عجلة الإنتاج .. وينتج للسوق المحلي والتصدير .. ثم طفرت أخلاق عصر مبارك ... أخلاق الانتهاز و تخطي الأصول و اللاوعي الراسخ في بنية تكوين الطبقات الأقل تعليما و مهارة ...
إنها أخلاق الحقد ونظرية اشمعنى ......
السادة عمال هذا المصنع الحيوي .. يتقاضون مرتبات مجزية تتخطى إجمالا الألفي جنيه ... و مغطى كل منهم بمظلة تأمينية خاصة تشمل العلاج ... كما أن مناخ العمل الذي يعملون فيه أفضل مليون مرة من قطاعات العمال في أغلب مصانع مصر و معاملها ...فالمصنع يا سادة يصنع الدواء .. و يشرف المصريين أمام العالم العربي بمنتج مصري ممتاز , لا أنكر أنه نتج بأيدي هؤلاء العمال المصريين والخبراء القائمين عليهم ...
حتى هنا ..لا بأس ..لكن أن يفسد العمال تشغيلة دوائية كاملة تقدر بالملايين ليفقأوا عين إدارة المصنع و يثبتوا حسب رأيهم أنهم أهم عجلات الإنتاج و أقوى تروس الآلة التنموية وأن دورهم هو العمود الفقري و الأعصاب والعضلات و أظافــــر القدم اليسرى ..
مشكلة هؤلاء العمال و هم من المؤهلات المتوسطة أنهم يطالبون مساوات أجورهم بالصيادلة و خبراء المعامل من الجامعيين و حملة الدكتوراة من خبراء استخلاص الدواء وتركيبة وحفظه ... نعم العين والحاجب .. و عندما تتورم العين وتنتفخ .. وتعلوا عن الحواجب ..
هذه المشكلة هي مشكلة هيكلية خطيرة ..تواجه صنعة القرار السياسي في مصر ... لأن الفئوية الغير واعية .. بدأت تجهض الثورة و تسممها ... أمين الشرطة يطلب المساواة بالضابط في كل شئ .. كذلك الحرفي والمهندس ..والممرضة والطبيب الجراح .. ..لا أنكر على أحد رغبته في رفع مستواه المعيشي ..لكن أحب أن أوجه الأنظار أن ضمن الهيكل التنظيمي لأي مؤسسة في العالم توجد طبقية تصنعها الدرجات العلمية مستويات المهارة والشهادات والخبرة الدقيقة التي تكلف أربابها سنين من الدراسة والسفر والاغتراب والسهر والتدريب .... تريد فئات العجب والعبث أن تتخطى كل هذا بدعوى أن ثورة يناير يجب أن تساوي الفئات المتعلمة والأقل تعليما هكذا بقرار سيادي يشد السيفون على التركيب الأزلي لأفضلية صنعها الله في عقول الناس ومهاراتهم ...
لو ترك هؤلاء العمال يخربون مصانعهم .. فأنا أخاف على مصر بشدة
No comments:
Post a Comment