معظم اللذين فتحوا هذا المقال ليقرأوه كانوا يظنون أن العنوان يخص النكتة التي شاعت على لسان الناس عندما قالت جريدة الأهرام المحكومة حتى اليوم -للعجب -برموز الفساد وتأليه الحاكم ، قالت أن ما حرقته حجافل أمن الدولة في مقارها لم يكن سوى بعض المخلفات ، وليس على الإطلاق له دعوة من قريب أو بعيد بإتلاف إثباتات و مستندات ، فكان تعليق الشباب العسل على الفيس بوك .. قش الرز...
فقش الرز هو الحجة الدائمة للتلوث الدخاني الضبابي الذي يحيط بنا من زمان ....
غير أنني أردت من المقال شئ آخر هو أن طبيعتنا الفكرية ، ووجداننا الجماعي يشبه قش الرز جدا ، سريع الاشتعال ، شديد التفاعل ،واسع الانتشار ...
من هنا فطنت الدولة ومؤسساتها في عصور متلاحقة من الجهالة والتجهيل المنظم المتعمد أن تستخدم الإعلام الفاسد في صوغ الحال النفسية العامة للسواد الأعظم من الشعب المقهور .. فتكذب عليه ويصدق ...و تسخر منه و يصدق .. وتخفي عنه ويصدق ... وفي الآخر بعد أن لفعته مئة صفعة وصفعة ... انتبه و أفاق عندما بدأ الشباب الواعي القارئ المثقف ، يصل للناس من خلال قنوات التواصل و حملات طرق الأبواب ، ...
نحتاج أن نعيد تدوير قش الرز ، هذا ما كان الناس يتمناه كحل للمشكلة البيئية ، لكني أناقش هنا تدوير قش الرز المتمثل في المزاج العام للناس ، الشديد الهشاشة ، الخفيف على الدوام ...نريد أن نمنح الحس الوطني العام كما وزخما و ثقلا يجعله عصيا على الاستخفاف ، الذي يسوق الجماهير كالقطعان { فاستخف قومه فأطاعوه }..وللوضوح أكثر ..نحتاج تفعيل ثقافة المشافهة والمواجهة مع السواد الغير مثقف ، نحتاج تثقيفهم والنهوض بوعيهم وتحصينهم وتطعيمهم ضد الحملات السياسية التابعة لنظم الفساد والقمع البائد ،
سيقول قائل من الناس أن المشكلة هيكلية ، بنيوية ..يتعذر مع من مجرب التوعية السياسية للناس أن يخاطب البطون الجائعة والعقول البسيطة الفاقدة لأبجديات التنوع الفكري ، والقابلة للإنصات ....
إن البرمجة والتنويم المغناطيسي الذي تعرض إليه الناس ، يجعلني أقهر كمدا عندما أتكلم معهم عن نزاهة الدكتور البرادعي ووطنيته ، لأجد البسطاء يقسمون على المصحف أنه أمريكي ،و أن ابنته سافرة عارية ..كما قال لهم أسامة سرايا وأنس الفقي عليهما السلام ..
إن معظم البنات والشباب لا يقرأ لإبراهيم عيسى ونبيل فاروق ولا يعرف من هو عبدالحليم قنديل وربما لم يسمع بنوارة نجم ولا أبيها النجم الساطع ...
هنا يلزم نوع من الثقافة تشبه ثقافة بيرم التونسي وسيد درويش و صلاح جاهين تصل للبسيط قبل الحويط و تفهم في لحظة قبل أن تستدعي التأمل والاستغراق ...
المعركة الفكرية وحرب الخير والباطل بدأت وبشراسة ، و النار تلتهم قش الرز أسرع و اسرع من ذي قبل ، و نحتاج أن نستعجل قليلا و نعمل دون راحة في التواصل مع الجموع التي ستقف أمام الصندوق عن قريب لتقرر نجاح الثورة أو فنائها ....
No comments:
Post a Comment